عقد التدبير المفوض " أحمد ولد محمذ ولد السالك
الجمعة, 07 مارس 2014 21:50

 

 

altمقدمــــــــــة

تحتل المرافق العمومية المحليةمكانة هامة للقيام بخدمات أساسية، لأنها تشكل أداة لتلبية الحاجيات اليومية للمواطنين في قطاعات حيوية كالنقل والماء والكهرباء....، لذا يتعين البحث دائما عن أساليب وطرق التدبير الخدمات الأساسية في أحسن الظروف، ومفدين هذه الأساليب نجد التدبير المفوض الذي يعقد تقنية جديدة في تسيير الشأن العام خصوصا على مستوى الإدارة الترابية المحلية لأسباب انعدام المردودية وغياب الجودة في أغلب أساليب تسير المرافق وفق المقاربة الكلاسيكية أو التقليدية، ونخص بالذكر منها تجارب الاستغلال المباشر[1] .

 

وعليه لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها رهانات من اللازم كسبها تلبية لحاجيات أوسع لشرائح المجتمع ، يجب إلقاء الضوء على إشكالية التدبير المفوض باعتبارها إطارا للتدخل الجاري بين عمل الجهاز الإداري والرهانات الاقتصادية والمالية اللازم تحقيقها في أفق تأهيل الدولة، حيث أن القضاء على تخلف الاستثمار الوطن أو الأجنبي لا يمكن إلا بإيجاد والحلول القادرة على تخطي المشاكل التي تزيد تفاقم أزمة الثقة بين المستثمر والدولة" وكذلك بالبحث عن موقع الخلل والكشف عنها لمحاولة إيجاد حلول مناسبة تساعد على الخروج من الوضعية الصعبة.

ولتفادي كل ما من شأنه أن يوقع الدولة في هذه الأزمة اعتمدت على عقد من ايجابيات تنعكس على تحسين ظروفها.

ولأهمية موضوع التدبير وما يطرح من إشكاليات كان لابد من دراسته والتعمق في مناقشته وذلك من خلال تقسيمه إلى مبحثين نتناول في المبحث الأول ماهية التدبير المفوض ومميزاته على أن نتناول في المبحث الثاني أسباب اللجوء إليه والانعكاسات التي التي تتمخض عنه

المبحث الأول: ماهية التدبير المفوض وأسباب ظهوره وأهدافه

إن أي تحديد لمفهوم التدبيرالمفوض كتقنية جديدة لتدبير المرافق العامة المحلية بالمغرب يستوجب تدقيق مفهومه ،وأركان قياسه وذلك يتم من خلال الفرض لماهيته (المطلب الأول) تم تتعرض لأسباب ظهوره وأهدافه (المطلب الثاني).

المطلب الأول: ماهية التدبير المفوض

المشرع المغربي أعطى تعريفا للتدبير المفوض وذلك في إحداث  القانون المنظم له (05- 54)  حيث عرفه على أنه "يعتبر التدبير المفوض عقد يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى "المفوض" لمدة محددة لتدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى "المفوض إليه"

"يخول له حق أجرة من المرتفقين أو يحقق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا" تساهم في مزاولة نشاط المرفق العام المفوض، من خلال هذا التعريف يتضح أن عقد التدبير المفوض عقد وضعية مزدوجة إداري من جهة وعقد خاص من جهة أخرى وعليه ستتعرض للطبيعة القانونية له في (الفقرة الأولى) ونخصص الفقرة الثانية  التزامات المفوض والمفوض إليه.

الفقرة الأولى: الطبيعة القانونية للتدبير المفوض

        لم يقم المشرع المغربي أو الاجتهاد القضائي بإعطاء أي تعريف للتدبير المفوض على استثناء ما تم التنصيص عليه في المادة 39 من الميثاق الجماعي 78.00 حيث تم ذكر المرافق والتجهيزات العمومية المحلية التي يقرر المجلس في طريقة تدبيرها عن طريق الوكالة المباشرة والوكالة المستقلة والامتياز وكل طريقة أخرى من طرف التدبير المفوض للمرافق العمومية طبقا للأنظمة المعمول بها وإلى حدود 2004 لم يكن هناك أي قانون يقوم بتنظيم عقود التدبير المفوض وبذلك ظلت الترسانة القانونية مبتورة على أن مجموعة من المرافق العمومية قد تم تفويت تدبيرها للخواص[2] .

وإذا كان القانون الجديد الخاص بالتدبير المفوض بالمغرب[3]  تعتبر هذه التقنية بمثابة عقد يفوض بموجبه شخص معنوي يسمى "المفوض" لمدة محدودة تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي عام أو خاص "المفوض إليه والذي يصبح في حكم المخول له تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا تساهم في مزاولة النشاط المرفق العمومي المفوض فإنه بالرجوع إلى مختلف التعريفات التي حاولت مقاربة التدبير المفوض للمرافق العامة، نجد أن أهم ما يميزها التناقض وعدم وضوح ماهية هذا الأسلوب، حيث أغلب تلك المقاربات تندرج في إطار الأشكال التقليدية المختلفة للتسيير المفوض كالامتياز و العقود الأخرى المتفرعة عنه وعليه كما هو الشأن في القانون الفرنسي، فإن القراءة المتأنية لهذه المقاربات تقود إلى اللبس قياسيا على ما دأب عليه الفقه الفرنسي في مقاربته للموضوع.

وبالرجوع للأستاذ عبد الله الحداد، نجد أنه يعتبر عقد التدبير المفوض شكلا جديدا من عناصر الأشكال المعتمدة لتسير المرافق العمومية، تتشابه مع عقد الامتياز في عناصر معينة، وتختلف عنه في المدة الزمنية، حيث مدة عقد الامتياز تكون أطول والملتزم يعتمد بوفير الأموال والعمال بينما في التدبير المفوض تبقى التجهيزات في ملكية الإدارة مع احتفاظ المفوض له بالعمال ومراعاة حقوقهم[4].

أما الأستاذ اليعقوبي محدق برى أنه كل تدبير لمرفق عام بواسطة شخص معنوي خاصة، وغالبا ما يؤكل هذا الشكل للخواص على أن التدبير المفوض يمتد لأحتواء مختلف طرق التسيير الكلاسيكية كعقود الامتياز والوكالة وكل اتفاقيات التفويض المتراوحة منها بين حد أدنى وحد أقصى هذه التقريبات لأن كانت صحيحة إلى حدود صدور القانون الجديد المتعلق في التدبير المفوض فقد أصبحت متجاوزة بفعل تبنيه تصورا جديدا مما يصبح معه استعجاله تعريفه من خلال نظام الامتياز حيث أصبح له مفهوم أعم يجمع بين جميع الأشكال الانجازية والتدبيرية للمرافق العمومية.

الفقرة الثانية: التزامات المفوض والمفوض إليه

 لقد حدد القانون رقم 05/54 المتعلق بالتدبير الحقوقي للمرافق العامة أهم الواجبات المتعلقة بالمفوض إليه في الباب الثالث منه.

التعاقد من الباطن: بحسب مقتضيات المادة 21 من نفس القانون بأنه يمكن لعقد التدبير المفوض أن يرخص بصفة تبعية للمفوض إليه أن يتعاقد وفي هذه الحالة يظل المفوض إليه مسؤولا بصفه شخصية اتجاه المفوض والأغيار عن الوفاء بجميع الالتزامات التي يفرضها عليه عقد التدبير المفوض وبالتالي يبقى التعاقد من الباطن عملية تعهد من خلالها مقاولة إلى أخرى مهمة انجاز جزء من أعمال الإنتاج أو الخدمات انطلاقا من دفتر التحملات مع بقاء المقاولة الأصلية هي المسؤولية النهائية هذه الأعمال .

    حقه في تدبير المرفق العام لمدة محددة بموجب نص الإنفاق وهو ما عثرت عنه المادة 23 من القانون 05/54 بحق اختلال الملك العام. الحفاظ على التوازن المالي للعقد إذ اختل إما نتيجة الإجراءات الإدارية للتسلط. تعاطي رسوم من المرتفقين أو من المساهمات التي تدفعها الدولة أو السلطة المفوضة كما يلزم اتجاه المفوض جميع الالتزامات التي يفرضها عليه العقد كما يلزم بالعناية الشاملة للمرفق أثناء تدبيره من حيث تغطية مسؤوليته المدنية والمحاضر التي  قد تنتج على مهامه بواسطة عقود التأمين واحترام القواعد الضابطة لتسييره وفق معايير الجودة وأن يشمله بالعناية اللازمة المادة 24.

إلى جانب هذه الالتزامات والواجبات نجد المفوض له كذلك وعليه واجبات ومن هذه الحقوق.

حقه في المراقبة والتوجيه وتهم هذه المراقبة الإصلاح على مختلف المستندات  والانتقال إلى عين المكان للإطلاع على طبية سير المرفق المفوض تنفيذ مقتضيات العقد كما يمكن للمفوض أن يقوم بمراقبة خارجية الاستعانة بالخبراء والأعوان كلما ارتأى جدوى هذه الرقابة والتي تحدد اختصاصاتها الإدارية أو الجهاز التداولي للشركة المفوض إليها.

وللإشارة في قانون عقود التدبير المفوض يخضع لمراقبة المجالس الجهوية للحسابات كما تخضع لمراقبة لجنة الضبط والتدقيق بمبادرة من وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية.

ويمكن للمفوض أن يعيد النظر في شروط سير التدبير المفوض إذا كانت المدة تفوق 10 سنوات[5].

المطلب الثاني: أسباب ظهور عقد التدبير المفوض وأهدافه

       ساعدت الوضعية المالية المتردية للمكتب المستقل لتوزيع الماء والكهرباء التي تسبب فيها سوء التسيير الإداري إلى ظهور التدبير المفوض في المغرب انطلاقا من الدار البيضاء ومرورا بالرباط تم تعميمها على جل الوكالات الوطنية                                                                                      ولم ينتصر التدبير المفوض على الماء والكهرباء، بل تعداه إلى قطاع التطهير وجمع النفايات وغير ذلك من المرافق العمومية وسنقف على عجز شركة الماء والكهرباء كنموذج لظهور التدبير المفوض (فقرة أولى) ونتطرق في الفقرة الثانية لأهدافه على المستوين الاجتماعي والاقتصادي.

 

 

 

الفقرة الأولى: ظهور التدبير المفوض عجز الماء والكهرباء كنموذج)

إذا عدنا للمكتب المستقل لتوزيع الماء والكهرباء فنلاحظ عجزه عن تغطية الأنشطة الموكولة إليه رغم الإصلاحات ويعود سبب ذلك إلي:

عدم استقلالية المكتب إداريا وماليا، حيث أن الرقابة الممارسة من طرف وزارتي الداخلية والمالية تحول دون اتخاذ القرارات الملائمة. اكتفاء المجالس الإدارية بالمشاكل القانونية والمالية وانحرافه عن القضايا الأساسية والهيكلية. تهميش الموارد البشرية سواء من حيث إعداد هيكل التنظيم يأخذ بعين الاعتبار الجدارة وتجاهل المشاكل الحقيقية. ضعف المراقبة الداخلية، بسبب ضعف التنسيق بين المصالح وانعدام العلاقات الإنسانية والشفافية. مرور المكتب من طائفة مالية خائفة وتمركز الفاتورات المستحقة بسبب الاستهلاك سواء الباقية على عاتق الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات الصناعية أو المشتركين الخواص، وتراكم الديون وظهور عجز مالي كبير. ارتفاع تكاليف التجهيزات وصيانتها  مما أدى إلى تعدد الأعطاب وكثرت بالتالي الاحتجاجات بسبب رداءة الخدمات.

لكن هذه الأسباب والعوامل لا تقتصر على المكتب المستقل وللماء والكهرباء إن هناك العديد من المرافق العمومية كانت لها نفس المشاكل كالوكالات المستقلة وللنقل الحضري ومرفق جمع النفايات وغيرها من المرافق العمومية جميع هذه الأسباب السالفة الذكر عجلت بتنسيق عقود التدبير المفوض لها تتناسب مع التحولات الجديدة في الوقت الذي عجزت فيه الإدارة التقليدية عن تحقيق الفعالية[6].

الفقرة الثانية: أهداف التدبير المفوض

أولا: الاعتبارات الاجتماعية

نتيجة للنمو الديمغرافي الذي يعرفه المغرب وتنامي وتيرة تزايد حاجات المواطنين أصبحت الدولة مرغمة للبحث عن الحلول لهذه الإشكالات عن طريق البحث عن استثمار وإعطاء الأولوية للقطاع الخاص لتسيير المرافق العمومية التي تساهم نوعا ما في تحقيق هذه الظواهر واستعمالها كلما حلت محل القطاع العام الذي أصبح يكتفي بوضع ضمانات لمستخدمي المرافق العمومية تحقيقا للأمن الاجتماعي وللحفاظ على المصالح العامة.

ثانيا: الاكراهات الاقتصادية

 يوفر التدبير المفوض مبدئيا الأعباء على الخزينة العامة ويشكل وسيلة إضافية لتمويل استثمارات الدولة وبنيتها التحتية وهي أهداف يصعب تحقيقها بالاعتماد على الموارد المالية الذاتية للخزينة العامة للدولة، وكذلك الأساليب التقليدية في التسيير وهذه المجهودات التي يبذلها القطاع الخاص قد ساهم في تقوية الاقتصاد المحلي من جهة ومن خلال الاستثمارات إلى توظفها في مجال البينات التحتية تؤدي إلى مضاعفات وتكثيف النشاط المحلي فيتم تشغيل اليد العاملة، ومن جهة أخرى فإن البنوك تقوم بتصريف وترويج رؤوس الأموال المحلية لا يزيد عنه نسبة المردودية فيها جد مرتفعة بالمقارنة مع تلك التي تحققها القطاعات التقليدية لاسيما في ظل آلية الاستغلال المباشر التي أصبحت متجاوزة[7].

 

المبحث الثاني: أسباب اللجوء إلى التدبير المفوض وانعكاساته

إن لجوء السلطة العمومية لتفويت بعض القطاعات الحيوية للشركات الخاصة من أجل تسييرها وتحمل العبء عنها جاء نتيجة  لأسباب متعددة أو في مقابل ذلك كان للتدبير المفوض انعكاسات شتى في جل الميادين ويمكن إجمال هذه الأسباب في نوعين، حيث هناك أسباب مرتبطة بالقانون العام الداخلي ومؤسسات الدولة (الداخلية) المطلب الأول وأسباب فرضتها المتغيرات الدولية وواقع الاقتصاد الدولي (خارجية) المطلب الثاني.

        المطلب الأول: الأسباب الداخلية

      اللجوء إلى هذا النوع من عقود التدبيرالمفوض جاء نتيجة جملة من الأسباب منهاماهو قانوني وتقني (الفقرة الأولى)ومنها ماهو اجتماعي اقتصادي(الفقرة الثانية).

        أولا: من الناحية الداخلية القانونية

 

يبقى التدبيرمن المفوض الدولة جزئيا بمغزل عن تحل المسؤولية والمخاطر، حيث الشركات المتعاقدة في هذا الخصوص هي التي تتحمل مخاطر وخسائر المشروع و مؤسسات الدولة لاسيما على المستوى المحلي تبقى بعيدة عن مشاكل سوء التسيير أو الأضرار التي تلتحق بالغير[8]  وبالتالي تغيب ولو جزئيا العلاقة المباشرة للمفوض مع الجماعة والتي تدخل بصفتها كمراقب فقط  ليس كطرف مدعى عليه كما يخضع للقانون الخاص، وإخضاع منازعاته بذلك إلى القضاء العادي.

ونلاحظ أن أسلوب التدبير المفوض يجعل من المانح للتفويض أي المفوض يغيب عن التسيير بصورة غير مباشرة وبالتالي يتجنب تلك المشاكل المتعلقة بالتسيير ويبقى له حق الرقابة على الممنوح له هذا التفويض[9]

 

 

 

ثانيا: من الناحية التقنية

إن الشركات الخاصة لها ن الإمكنيالت التقنية واللوجستيكية ما يؤهلها لتسيير بعض القطاعات الكبرى(الماء ،الكهرباء،تطهيرالسائل)،التي تتطلب تقنيات كبيرة ووسائل تكنولوجية متطورة، وهذه المزايا متوفرة لدى القطاع الخاص والتي غالبا ما تعجز الدولة عن التحكم فيما وتوفير الجودة وأداء الخدمات في حينها أو في أغلب الفرضيات هذه الشركات بناء على عقود التدبير المفوض تقوم بإعادة تأهيل المجالات التي تتدخل فيها.

الفقرة الثانية: الأسباب الاقتصادية والاجتماعية

أولا: الأسباب الاجتماعية

إن النحو الديمغرافي الذي عرفه المغرب خلال العقود الأخيرة، وعدم مسايرة الدولة لهذا الارتفاع وكذا تزايد حاجات المواطنين، وما كان له من انعكاسات سلبية ينتج عنها بالدجة الأولى ارتفاع كبير في نسبة البطالة والهجرة القروية، حتى أصبحت الدولة مرغمة للبحث عن حلول لهذه الإشكالات عند طريق البحث عن الاستثمار وإعطاء الأولوية للقطاع الخاص لتسيير بعض المرافق العمومية التي تساهم نوعا ما في تحقيق هذه الظواهر وأستعابها كلما حلت محل القطاع العام الذي أصبح يكتفي بوضع ضمانات لمستخدمي المرافق العمومية تحقيقا للأمن الاجتماعي وللحفاظ على المصالح العامة[10]

ثانيا: من الناحية الاقتصادية

التدبير المفوض مبدئيا الأعباء على الخزينة العامة ويشكل وسيلة إضافية لتحويل استثمارات الدولة وبناياتها التحتية وهي أهداف يصعب تحقيقها بالاعتماد على الموارد المالية والذاتية للخزينة العامة للدولة، إن المجهودات التي يبدلها القطاع الخاص قد تساهم في تقوية الاقتصاد المالي، حيث من جهة ومن خلال الاستثمارات التي توظفها في مجال البنيات التحتية تؤدي إلى مضاعفات وتكتف النشاط المحلي، فيتم تشغيل اليد العاملة، ومن جهة أخرى فإن البنوك تقوم بتصريف وتروج رؤوس الأموال المحلية، و وحتى تتمكن هذه المرافق من مسايرة المحيط الاقتصادي والمالي وفق التوصيات الصادرة عن المناظرات الوطنية على الجماعات المحلية فقد خلص المسؤولون إلى أهمية وضرورة وضع إستراتيجية جديدة تمكن من إعادة هيكلة أفضل للمرافق العمومية وهي إستراتيجية تعتمد بالأساس على [11].

بلورة سياسة قطاعية وواقعية أعتماد وأثمنة حقيقية وتوازن مالي للقطاع دعم الإطار المؤسساتي تنمية الكفاءات إنعاش المناقشة إتخاذ إطار قانوني ملائم الحد من الامدادات

المطلب الثاني :الأسباب الخارجية

في خضم التحولات الكبرى للنظام العالي الجديد، واكراهات المؤسسات المالية الدولية لا سيما البنك العالمي وضرورة النقد الدولي اتجاه الدول النامية أصبح من اللازم على الدولة مواكبة الدولة للسياسية العالمية الجديدة الشيء الذي أجبرها للتخلي عن بعض وظائفها الحيوية[12]، حيث أصبح المغرب مطالبا بتحسين موقعه ومكانته وتلميح صورته على الصعيد في الداخلي والخارجي، وهو الأمر الذي يقتضي البحث عن مستثمرين جدد ومنحهم تشجيعات كافية لاستقطابهم ولذا منحهم مسؤولية بعض المرافق العمومية، إلا أن هذا التدبير يشهد انعكاسات منها ما هو مباشر (الفقرة الأولى) ومنها ما هو غير مباشر(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الانعكاسات المباشرة

وتتجلى هذه الانعكاسات المباشرة في نقطتين:

أولا: المجال القانونيفي الماضي كان تسيير المرافق العمومية ينحصر في إطار أشكال قانونية محددة ومقتنة ويشكل واسع كالامتياز وتأجير الأراضي وفي أحيان قليلة الإنابة، أو الوكالة وبعد ذلك حصل تطور أدى إلى ظهور أساليب أخرى قامت الدولة بتفويت تسيير بعض المرافق الحيوية، إلا أن مسألة الفراغ التشريعي في مجال منح الامتياز والذي كان يطرح بحدة كلما عهدت السلطة العامة إلى تفويض تسيير أحد مرافقها إلى شخص خاص فالمغرب كان معتاد على تطبيق واقتباس جل القوانين الفرنسية وإدخالها حيز التطبيق بالرغم من عدم مطابقتها في بعض الأحيان لخصوصيات المجتمع المغربي.

وتفاديا لهذا الخلل شكلت الحكومة لجنة وزارية في فبراير سنة 1999 عهد إليها صياغة وبلورة أشكال التسيير المفوض قادرة على أداء الخدمة العمومية في وقتها المناسب لأن جودة ممكنة لاسيما أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية في كل المجالات، ومن غير المقبول ألا يتوفر على إطار قانوني واضح لعملية تفويت التسيير.

وبسبب الفراغ التشريعي الذي صاحب هذه العملية قبل فبراير 2006 أدى إلى حدوث مشاكل أعاقت تحقيق الأهداف المسطرة أهمها نفور المستثمرين في هذا المجال بسبب غياب ضمانات فعلية[13].

ثانيا: المجال الاجتماعيترتب على عملية تفويت التسيير تأثرات مباشرة ذات طبيعة اجتماعية تتمثل في التأثير على المستهلك بسبب ارتفاع تكاليف الخدمات تم ارتفاع تفويت التسيير أو التدبير المفوض الذي كان يفترض فيه إسداء خدمات بأقل تكلفة بعدا عن منطق المركز و المحسوبية الذي هو هدف المستثمر بالدرجة الأولى لم يتحقق أبدا والواقع لم يمنع من وجود انعكاسات سلبية حيث على سبيل لمدنيتين طنجة وتطوان قامت شركة أما نديس المكلفة بتسيير مرفق الماء والكهرباء برفع ومضاعفة فواتير الماء والكهرباء مباشرة بعد تسليمها لهذا المرفق وكذا الأمر بالنسبة لشركة ديطال المكلفة بتسيير  مرفق الماء والكهرباء في الرباط وسلا وتمارة[14]  

الفقرة الثانية: الانعكاسات الغير المباشرة

إن معظم الدول المتبنية للمنهج الليبرالي عملت على تفويت أغلب أنشطتها إما عن طريق الخوصصة  أوعن طريق تفويت التسيير وهو ما أدى إلى فقدان مفهوم المرفق العام للبناء النظري الذي أسس وفقه لاسيما أفكار مدرسته ومن ناحية التأثير أو العلاقة بين المواطن بالمرفق العام نلاحظ أن من واجبات الإدارة العمل على ضمان استمرارية المرافق العامة، وتأمين الحاجيات العامة التي أنشأت من أجابها على وجه الدوام فأساس وجودها هو تلبية حاجيات  المواطن فهي تقدم خدمات متعددة غالبا ما تكون ضرورية وجوهرية للمرتفق حيث لا يمكن في إمكانه أشباعها بالاستئناس على إمكاناته الفردية وتبعا لذلك فهو يتطلع إلى تدخل الدولة لتحقيق هذه الخدمات عن طريق مراقبتها العامة وهذا يؤدي إلى قوة العلاقة بين المواطن والمرفق العام.

فتفويت تسيير المرافق العمومية إلى الخواص يؤدي إلى تجاهل للحاجيات الأساسية وإلغاء دور الدولة أو الجماعات المحلية في مراقبة الخواص مما يجعل مصالح المواطنة عرضة للتلاعب في أيدي الشركات والمقاولات الخاصة[15].

ومن أجل تفادي كل سلبيات عمليات التفويت يجب تسديد الرقابة من الهيئة العامة على الهيئة الخاصة حين تسييرها للمرفق العام ومراعاة كل الظروف حتى لا تكون هذه العملية رافدا من روافد القلق والتوتر الاجتماعيين إقرار للتوازنات الماكر اقتصادية وللمنافسة.

 

خاتـــــــــــمة

يمكن القول بأن التدبير المفوض وإن ساهم في تحقيق بعض المنجزات الاقتصادية والتنموية فإنه قد كرس العديد من السلبيات مما يختم على الدولة إعادة النظر في التفعيل الصادرة لمبدأ المراقبة، ومراعاة المصلحة العامة حيث تتحقق الأهداف المنشودة، وذلك يخلق ترسانة قانونية متينة تأهله لمواجهة كل الانعكاسات السلبية وهذا هو التوجه الذي سعت إليه الدولة "عند إدخال تعديلات على الميثاق لسنة 2002، حيث كان هناك إجماع حول ضرورة استبعاد التدبير المفوض وتعويضه بأسلوب أخر وهو تدبير المرافق العمومية المحلية عن طريق شركات الاقتصاد المختلط فإلى أي مدى سيكون هذا الأخير ناجعا وفعالا ومتجاوزا لسلبيات التدبير ا

[1] د يحيا محمد مقال منشور في المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ماي يونيو عدد 80 2008 ص 11

[2]   !!!!!!!!!!!!!!!!!!!

[3]القانون رقم 05-54

[4] عبد الله الحداد، الوجيز في قانون المرافق العامة الكبرى منشورات عكاة 2001 ص 52 وبعدها.

[5]

[6]  DROIT MAROC BLOGSPOT.COM

[7] أحمد بوسيدي، الخصائص المميزة العقود التدبير المفوض مقال منشورات في مجلة  المتير القانون مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2012، ص 222

[8]

[9]

[10] -

[11]

[12]-مداخلة ألقيت لمناسبة اليوم الدراسي المنظم من طرف كلية الحقوق ؟؟ موضوع "التدبير المفوض أي فعالية" تاريخ 12 أبريل 2007.

[13]

[14] أنظر أحمد كوني "تجربة مذدنية الرباط والمدن المجاورة لها في مجال التدبير المفوض"

[15] يحيا محمد م س، ص 27

مقدمــــــــــة

تحتل المرافق العمومية المحليةمكانة هامة للقيام بخدمات أساسية، لأنها تشكل أداة لتلبية الحاجيات اليومية للمواطنين في قطاعات حيوية كالنقل والماء والكهرباء....، لذا يتعين البحث دائما عن أساليب وطرق التدبير الخدمات الأساسية في أحسن الظروف، ومفدين هذه الأساليب نجد التدبير المفوض الذي يعقد تقنية جديدة في تسيير الشأن العام خصوصا على مستوى الإدارة الترابية المحلية لأسباب انعدام المردودية وغياب الجودة في أغلب أساليب تسير المرافق وفق المقاربة الكلاسيكية أو التقليدية، ونخص بالذكر منها تجارب الاستغلال المباشر[1] .

وعليه لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها رهانات من اللازم كسبها تلبية لحاجيات أوسع لشرائح المجتمع ، يجب إلقاء الضوء على إشكالية التدبير المفوض باعتبارها إطارا للتدخل الجاري بين عمل الجهاز الإداري والرهانات الاقتصادية والمالية اللازم تحقيقها في أفق تأهيل الدولة، حيث أن القضاء على تخلف الاستثمار الوطن أو الأجنبي لا يمكن إلا بإيجاد والحلول القادرة على تخطي المشاكل التي تزيد تفاقم أزمة الثقة بين المستثمر والدولة" وكذلك بالبحث عن موقع الخلل والكشف عنها لمحاولة إيجاد حلول مناسبة تساعد على الخروج من الوضعية الصعبة.

ولتفادي كل ما من شأنه أن يوقع الدولة في هذه الأزمة اعتمدت على عقد من ايجابيات تنعكس على تحسين ظروفها.

ولأهمية موضوع التدبير وما يطرح من إشكاليات كان لابد من دراسته والتعمق في مناقشته وذلك من خلال تقسيمه إلى مبحثين نتناول في المبحث الأول ماهية التدبير المفوض ومميزاته على أن نتناول في المبحث الثاني أسباب اللجوء إليه والانعكاسات التي التي تتمخض عنه

المبحث الأول: ماهية التدبير المفوض وأسباب ظهوره وأهدافه

إن أي تحديد لمفهوم التدبيرالمفوض كتقنية جديدة لتدبير المرافق العامة المحلية بالمغرب يستوجب تدقيق مفهومه ،وأركان قياسه وذلك يتم من خلال الفرض لماهيته (المطلب الأول) تم تتعرض لأسباب ظهوره وأهدافه (المطلب الثاني).

المطلب الأول: ماهية التدبير المفوض

المشرع المغربي أعطى تعريفا للتدبير المفوض وذلك في إحداث  القانون المنظم له (05- 54)  حيث عرفه على أنه "يعتبر التدبير المفوض عقد يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى "المفوض" لمدة محددة لتدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى "المفوض إليه"

"يخول له حق أجرة من المرتفقين أو يحقق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا" تساهم في مزاولة نشاط المرفق العام المفوض، من خلال هذا التعريف يتضح أن عقد التدبير المفوض عقد وضعية مزدوجة إداري من جهة وعقد خاص من جهة أخرى وعليه ستتعرض للطبيعة القانونية له في (الفقرة الأولى) ونخصص الفقرة الثانية  التزامات المفوض والمفوض إليه.

الفقرة الأولى: الطبيعة القانونية للتدبير المفوض

        لم يقم المشرع المغربي أو الاجتهاد القضائي بإعطاء أي تعريف للتدبير المفوض على استثناء ما تم التنصيص عليه في المادة 39 من الميثاق الجماعي 78.00 حيث تم ذكر المرافق والتجهيزات العمومية المحلية التي يقرر المجلس في طريقة تدبيرها عن طريق الوكالة المباشرة والوكالة المستقلة والامتياز وكل طريقة أخرى من طرف التدبير المفوض للمرافق العمومية طبقا للأنظمة المعمول بها وإلى حدود 2004 لم يكن هناك أي قانون يقوم بتنظيم عقود التدبير المفوض وبذلك ظلت الترسانة القانونية مبتورة على أن مجموعة من المرافق العمومية قد تم تفويت تدبيرها للخواص[2] .

وإذا كان القانون الجديد الخاص بالتدبير المفوض بالمغرب[3]  تعتبر هذه التقنية بمثابة عقد يفوض بموجبه شخص معنوي يسمى "المفوض" لمدة محدودة تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي عام أو خاص "المفوض إليه والذي يصبح في حكم المخول له تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا تساهم في مزاولة النشاط المرفق العمومي المفوض فإنه بالرجوع إلى مختلف التعريفات التي حاولت مقاربة التدبير المفوض للمرافق العامة، نجد أن أهم ما يميزها التناقض وعدم وضوح ماهية هذا الأسلوب، حيث أغلب تلك المقاربات تندرج في إطار الأشكال التقليدية المختلفة للتسيير المفوض كالامتياز و العقود الأخرى المتفرعة عنه وعليه كما هو الشأن في القانون الفرنسي، فإن القراءة المتأنية لهذه المقاربات تقود إلى اللبس قياسيا على ما دأب عليه الفقه الفرنسي في مقاربته للموضوع.

وبالرجوع للأستاذ عبد الله الحداد، نجد أنه يعتبر عقد التدبير المفوض شكلا جديدا من عناصر الأشكال المعتمدة لتسير المرافق العمومية، تتشابه مع عقد الامتياز في عناصر معينة، وتختلف عنه في المدة الزمنية، حيث مدة عقد الامتياز تكون أطول والملتزم يعتمد بوفير الأموال والعمال بينما في التدبير المفوض تبقى التجهيزات في ملكية الإدارة مع احتفاظ المفوض له بالعمال ومراعاة حقوقهم[4].

أما الأستاذ اليعقوبي محدق برى أنه كل تدبير لمرفق عام بواسطة شخص معنوي خاصة، وغالبا ما يؤكل هذا الشكل للخواص على أن التدبير المفوض يمتد لأحتواء مختلف طرق التسيير الكلاسيكية كعقود الامتياز والوكالة وكل اتفاقيات التفويض المتراوحة منها بين حد أدنى وحد أقصى هذه التقريبات لأن كانت صحيحة إلى حدود صدور القانون الجديد المتعلق في التدبير المفوض فقد أصبحت متجاوزة بفعل تبنيه تصورا جديدا مما يصبح معه استعجاله تعريفه من خلال نظام الامتياز حيث أصبح له مفهوم أعم يجمع بين جميع الأشكال الانجازية والتدبيرية للمرافق العمومية.

الفقرة الثانية: التزامات المفوض والمفوض إليه

 لقد حدد القانون رقم 05/54 المتعلق بالتدبير الحقوقي للمرافق العامة أهم الواجبات المتعلقة بالمفوض إليه في الباب الثالث منه.

التعاقد من الباطن: بحسب مقتضيات المادة 21 من نفس القانون بأنه يمكن لعقد التدبير المفوض أن يرخص بصفة تبعية للمفوض إليه أن يتعاقد وفي هذه الحالة يظل المفوض إليه مسؤولا بصفه شخصية اتجاه المفوض والأغيار عن الوفاء بجميع الالتزامات التي يفرضها عليه عقد التدبير المفوض وبالتالي يبقى التعاقد من الباطن عملية تعهد من خلالها مقاولة إلى أخرى مهمة انجاز جزء من أعمال الإنتاج أو الخدمات انطلاقا من دفتر التحملات مع بقاء المقاولة الأصلية هي المسؤولية النهائية هذه الأعمال .

    حقه في تدبير المرفق العام لمدة محددة بموجب نص الإنفاق وهو ما عثرت عنه المادة 23 من القانون 05/54 بحق اختلال الملك العام. الحفاظ على التوازن المالي للعقد إذ اختل إما نتيجة الإجراءات الإدارية للتسلط. تعاطي رسوم من المرتفقين أو من المساهمات التي تدفعها الدولة أو السلطة المفوضة كما يلزم اتجاه المفوض جميع الالتزامات التي يفرضها عليه العقد كما يلزم بالعناية الشاملة للمرفق أثناء تدبيره من حيث تغطية مسؤوليته المدنية والمحاضر التي  قد تنتج على مهامه بواسطة عقود التأمين واحترام القواعد الضابطة لتسييره وفق معايير الجودة وأن يشمله بالعناية اللازمة المادة 24.

إلى جانب هذه الالتزامات والواجبات نجد المفوض له كذلك وعليه واجبات ومن هذه الحقوق.

حقه في المراقبة والتوجيه وتهم هذه المراقبة الإصلاح على مختلف المستندات  والانتقال إلى عين المكان للإطلاع على طبية سير المرفق المفوض تنفيذ مقتضيات العقد كما يمكن للمفوض أن يقوم بمراقبة خارجية الاستعانة بالخبراء والأعوان كلما ارتأى جدوى هذه الرقابة والتي تحدد اختصاصاتها الإدارية أو الجهاز التداولي للشركة المفوض إليها.

وللإشارة في قانون عقود التدبير المفوض يخضع لمراقبة المجالس الجهوية للحسابات كما تخضع لمراقبة لجنة الضبط والتدقيق بمبادرة من وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية.

ويمكن للمفوض أن يعيد النظر في شروط سير التدبير المفوض إذا كانت المدة تفوق 10 سنوات[5].

المطلب الثاني: أسباب ظهور عقد التدبير المفوض وأهدافه

       ساعدت الوضعية المالية المتردية للمكتب المستقل لتوزيع الماء والكهرباء التي تسبب فيها سوء التسيير الإداري إلى ظهور التدبير المفوض في المغرب انطلاقا من الدار البيضاء ومرورا بالرباط تم تعميمها على جل الوكالات الوطنية                                                                                      ولم ينتصر التدبير المفوض على الماء والكهرباء، بل تعداه إلى قطاع التطهير وجمع النفايات وغير ذلك من المرافق العمومية وسنقف على عجز شركة الماء والكهرباء كنموذج لظهور التدبير المفوض (فقرة أولى) ونتطرق في الفقرة الثانية لأهدافه على المستوين الاجتماعي والاقتصادي.

 

 

 

الفقرة الأولى: ظهور التدبير المفوض عجز الماء والكهرباء كنموذج)

إذا عدنا للمكتب المستقل لتوزيع الماء والكهرباء فنلاحظ عجزه عن تغطية الأنشطة الموكولة إليه رغم الإصلاحات ويعود سبب ذلك إلي:

عدم استقلالية المكتب إداريا وماليا، حيث أن الرقابة الممارسة من طرف وزارتي الداخلية والمالية تحول دون اتخاذ القرارات الملائمة. اكتفاء المجالس الإدارية بالمشاكل القانونية والمالية وانحرافه عن القضايا الأساسية والهيكلية. تهميش الموارد البشرية سواء من حيث إعداد هيكل التنظيم يأخذ بعين الاعتبار الجدارة وتجاهل المشاكل الحقيقية. ضعف المراقبة الداخلية، بسبب ضعف التنسيق بين المصالح وانعدام العلاقات الإنسانية والشفافية. مرور المكتب من طائفة مالية خائفة وتمركز الفاتورات المستحقة بسبب الاستهلاك سواء الباقية على عاتق الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات الصناعية أو المشتركين الخواص، وتراكم الديون وظهور عجز مالي كبير. ارتفاع تكاليف التجهيزات وصيانتها  مما أدى إلى تعدد الأعطاب وكثرت بالتالي الاحتجاجات بسبب رداءة الخدمات.

لكن هذه الأسباب والعوامل لا تقتصر على المكتب المستقل وللماء والكهرباء إن هناك العديد من المرافق العمومية كانت لها نفس المشاكل كالوكالات المستقلة وللنقل الحضري ومرفق جمع النفايات وغيرها من المرافق العمومية جميع هذه الأسباب السالفة الذكر عجلت بتنسيق عقود التدبير المفوض لها تتناسب مع التحولات الجديدة في الوقت الذي عجزت فيه الإدارة التقليدية عن تحقيق الفعالية[6].

الفقرة الثانية: أهداف التدبير المفوض

أولا: الاعتبارات الاجتماعية

نتيجة للنمو الديمغرافي الذي يعرفه المغرب وتنامي وتيرة تزايد حاجات المواطنين أصبحت الدولة مرغمة للبحث عن الحلول لهذه الإشكالات عن طريق البحث عن استثمار وإعطاء الأولوية للقطاع الخاص لتسيير المرافق العمومية التي تساهم نوعا ما في تحقيق هذه الظواهر واستعمالها كلما حلت محل القطاع العام الذي أصبح يكتفي بوضع ضمانات لمستخدمي المرافق العمومية تحقيقا للأمن الاجتماعي وللحفاظ على المصالح العامة.

ثانيا: الاكراهات الاقتصادية

 يوفر التدبير المفوض مبدئيا الأعباء على الخزينة العامة ويشكل وسيلة إضافية لتمويل استثمارات الدولة وبنيتها التحتية وهي أهداف يصعب تحقيقها بالاعتماد على الموارد المالية الذاتية للخزينة العامة للدولة، وكذلك الأساليب التقليدية في التسيير وهذه المجهودات التي يبذلها القطاع الخاص قد ساهم في تقوية الاقتصاد المحلي من جهة ومن خلال الاستثمارات إلى توظفها في مجال البينات التحتية تؤدي إلى مضاعفات وتكثيف النشاط المحلي فيتم تشغيل اليد العاملة، ومن جهة أخرى فإن البنوك تقوم بتصريف وترويج رؤوس الأموال المحلية لا يزيد عنه نسبة المردودية فيها جد مرتفعة بالمقارنة مع تلك التي تحققها القطاعات التقليدية لاسيما في ظل آلية الاستغلال المباشر التي أصبحت متجاوزة[7].

 

المبحث الثاني: أسباب اللجوء إلى التدبير المفوض وانعكاساته

إن لجوء السلطة العمومية لتفويت بعض القطاعات الحيوية للشركات الخاصة من أجل تسييرها وتحمل العبء عنها جاء نتيجة  لأسباب متعددة أو في مقابل ذلك كان للتدبير المفوض انعكاسات شتى في جل الميادين ويمكن إجمال هذه الأسباب في نوعين، حيث هناك أسباب مرتبطة بالقانون العام الداخلي ومؤسسات الدولة (الداخلية) المطلب الأول وأسباب فرضتها المتغيرات الدولية وواقع الاقتصاد الدولي (خارجية) المطلب الثاني.

        المطلب الأول: الأسباب الداخلية

      اللجوء إلى هذا النوع من عقود التدبيرالمفوض جاء نتيجة جملة من الأسباب منهاماهو قانوني وتقني (الفقرة الأولى)ومنها ماهو اجتماعي اقتصادي(الفقرة الثانية).

        أولا: من الناحية الداخلية القانونية

 

يبقى التدبيرمن المفوض الدولة جزئيا بمغزل عن تحل المسؤولية والمخاطر، حيث الشركات المتعاقدة في هذا الخصوص هي التي تتحمل مخاطر وخسائر المشروع و مؤسسات الدولة لاسيما على المستوى المحلي تبقى بعيدة عن مشاكل سوء التسيير أو الأضرار التي تلتحق بالغير[8]  وبالتالي تغيب ولو جزئيا العلاقة المباشرة للمفوض مع الجماعة والتي تدخل بصفتها كمراقب فقط  ليس كطرف مدعى عليه كما يخضع للقانون الخاص، وإخضاع منازعاته بذلك إلى القضاء العادي.

ونلاحظ أن أسلوب التدبير المفوض يجعل من المانح للتفويض أي المفوض يغيب عن التسيير بصورة غير مباشرة وبالتالي يتجنب تلك المشاكل المتعلقة بالتسيير ويبقى له حق الرقابة على الممنوح له هذا التفويض[9]

 

 

 

ثانيا: من الناحية التقنية

إن الشركات الخاصة لها ن الإمكنيالت التقنية واللوجستيكية ما يؤهلها لتسيير بعض القطاعات الكبرى(الماء ،الكهرباء،تطهيرالسائل)،التي تتطلب تقنيات كبيرة ووسائل تكنولوجية متطورة، وهذه المزايا متوفرة لدى القطاع الخاص والتي غالبا ما تعجز الدولة عن التحكم فيما وتوفير الجودة وأداء الخدمات في حينها أو في أغلب الفرضيات هذه الشركات بناء على عقود التدبير المفوض تقوم بإعادة تأهيل المجالات التي تتدخل فيها.

الفقرة الثانية: الأسباب الاقتصادية والاجتماعية

أولا: الأسباب الاجتماعية

إن النحو الديمغرافي الذي عرفه المغرب خلال العقود الأخيرة، وعدم مسايرة الدولة لهذا الارتفاع وكذا تزايد حاجات المواطنين، وما كان له من انعكاسات سلبية ينتج عنها بالدجة الأولى ارتفاع كبير في نسبة البطالة والهجرة القروية، حتى أصبحت الدولة مرغمة للبحث عن حلول لهذه الإشكالات عند طريق البحث عن الاستثمار وإعطاء الأولوية للقطاع الخاص لتسيير بعض المرافق العمومية التي تساهم نوعا ما في تحقيق هذه الظواهر وأستعابها كلما حلت محل القطاع العام الذي أصبح يكتفي بوضع ضمانات لمستخدمي المرافق العمومية تحقيقا للأمن الاجتماعي وللحفاظ على المصالح العامة[10]

ثانيا: من الناحية الاقتصادية

التدبير المفوض مبدئيا الأعباء على الخزينة العامة ويشكل وسيلة إضافية لتحويل استثمارات الدولة وبناياتها التحتية وهي أهداف يصعب تحقيقها بالاعتماد على الموارد المالية والذاتية للخزينة العامة للدولة، إن المجهودات التي يبدلها القطاع الخاص قد تساهم في تقوية الاقتصاد المالي، حيث من جهة ومن خلال الاستثمارات التي توظفها في مجال البنيات التحتية تؤدي إلى مضاعفات وتكتف النشاط المحلي، فيتم تشغيل اليد العاملة، ومن جهة أخرى فإن البنوك تقوم بتصريف وتروج رؤوس الأموال المحلية، و وحتى تتمكن هذه المرافق من مسايرة المحيط الاقتصادي والمالي وفق التوصيات الصادرة عن المناظرات الوطنية على الجماعات المحلية فقد خلص المسؤولون إلى أهمية وضرورة وضع إستراتيجية جديدة تمكن من إعادة هيكلة أفضل للمرافق العمومية وهي إستراتيجية تعتمد بالأساس على [11].

بلورة سياسة قطاعية وواقعية أعتماد وأثمنة حقيقية وتوازن مالي للقطاع دعم الإطار المؤسساتي تنمية الكفاءات إنعاش المناقشة إتخاذ إطار قانوني ملائم الحد من الامدادات

المطلب الثاني :الأسباب الخارجية

في خضم التحولات الكبرى للنظام العالي الجديد، واكراهات المؤسسات المالية الدولية لا سيما البنك العالمي وضرورة النقد الدولي اتجاه الدول النامية أصبح من اللازم على الدولة مواكبة الدولة للسياسية العالمية الجديدة الشيء الذي أجبرها للتخلي عن بعض وظائفها الحيوية[12]، حيث أصبح المغرب مطالبا بتحسين موقعه ومكانته وتلميح صورته على الصعيد في الداخلي والخارجي، وهو الأمر الذي يقتضي البحث عن مستثمرين جدد ومنحهم تشجيعات كافية لاستقطابهم ولذا منحهم مسؤولية بعض المرافق العمومية، إلا أن هذا التدبير يشهد انعكاسات منها ما هو مباشر (الفقرة الأولى) ومنها ما هو غير مباشر(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الانعكاسات المباشرة

وتتجلى هذه الانعكاسات المباشرة في نقطتين:

أولا: المجال القانونيفي الماضي كان تسيير المرافق العمومية ينحصر في إطار أشكال قانونية محددة ومقتنة ويشكل واسع كالامتياز وتأجير الأراضي وفي أحيان قليلة الإنابة، أو الوكالة وبعد ذلك حصل تطور أدى إلى ظهور أساليب أخرى قامت الدولة بتفويت تسيير بعض المرافق الحيوية، إلا أن مسألة الفراغ التشريعي في مجال منح الامتياز والذي كان يطرح بحدة كلما عهدت السلطة العامة إلى تفويض تسيير أحد مرافقها إلى شخص خاص فالمغرب كان معتاد على تطبيق واقتباس جل القوانين الفرنسية وإدخالها حيز التطبيق بالرغم من عدم مطابقتها في بعض الأحيان لخصوصيات المجتمع المغربي.

وتفاديا لهذا الخلل شكلت الحكومة لجنة وزارية في فبراير سنة 1999 عهد إليها صياغة وبلورة أشكال التسيير المفوض قادرة على أداء الخدمة العمومية في وقتها المناسب لأن جودة ممكنة لاسيما أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية في كل المجالات، ومن غير المقبول ألا يتوفر على إطار قانوني واضح لعملية تفويت التسيير.

وبسبب الفراغ التشريعي الذي صاحب هذه العملية قبل فبراير 2006 أدى إلى حدوث مشاكل أعاقت تحقيق الأهداف المسطرة أهمها نفور المستثمرين في هذا المجال بسبب غياب ضمانات فعلية[13].

ثانيا: المجال الاجتماعيترتب على عملية تفويت التسيير تأثرات مباشرة ذات طبيعة اجتماعية تتمثل في التأثير على المستهلك بسبب ارتفاع تكاليف الخدمات تم ارتفاع تفويت التسيير أو التدبير المفوض الذي كان يفترض فيه إسداء خدمات بأقل تكلفة بعدا عن منطق المركز و المحسوبية الذي هو هدف المستثمر بالدرجة الأولى لم يتحقق أبدا والواقع لم يمنع من وجود انعكاسات سلبية حيث على سبيل لمدنيتين طنجة وتطوان قامت شركة أما نديس المكلفة بتسيير مرفق الماء والكهرباء برفع ومضاعفة فواتير الماء والكهرباء مباشرة بعد تسليمها لهذا المرفق وكذا الأمر بالنسبة لشركة ديطال المكلفة بتسيير  مرفق الماء والكهرباء في الرباط وسلا وتمارة[14]  

الفقرة الثانية: الانعكاسات الغير المباشرة

إن معظم الدول المتبنية للمنهج الليبرالي عملت على تفويت أغلب أنشطتها إما عن طريق الخوصصة  أوعن طريق تفويت التسيير وهو ما أدى إلى فقدان مفهوم المرفق العام للبناء النظري الذي أسس وفقه لاسيما أفكار مدرسته ومن ناحية التأثير أو العلاقة بين المواطن بالمرفق العام نلاحظ أن من واجبات الإدارة العمل على ضمان استمرارية المرافق العامة، وتأمين الحاجيات العامة التي أنشأت من أجابها على وجه الدوام فأساس وجودها هو تلبية حاجيات  المواطن فهي تقدم خدمات متعددة غالبا ما تكون ضرورية وجوهرية للمرتفق حيث لا يمكن في إمكانه أشباعها بالاستئناس على إمكاناته الفردية وتبعا لذلك فهو يتطلع إلى تدخل الدولة لتحقيق هذه الخدمات عن طريق مراقبتها العامة وهذا يؤدي إلى قوة العلاقة بين المواطن والمرفق العام.

فتفويت تسيير المرافق العمومية إلى الخواص يؤدي إلى تجاهل للحاجيات الأساسية وإلغاء دور الدولة أو الجماعات المحلية في مراقبة الخواص مما يجعل مصالح المواطنة عرضة للتلاعب في أيدي الشركات والمقاولات الخاصة[15].

ومن أجل تفادي كل سلبيات عمليات التفويت يجب تسديد الرقابة من الهيئة العامة على الهيئة الخاصة حين تسييرها للمرفق العام ومراعاة كل الظروف حتى لا تكون هذه العملية رافدا من روافد القلق والتوتر الاجتماعيين إقرار للتوازنات الماكر اقتصادية وللمنافسة.

 

خاتـــــــــــمة

يمكن القول بأن التدبير المفوض وإن ساهم في تحقيق بعض المنجزات الاقتصادية والتنموية فإنه قد كرس العديد من السلبيات مما يختم على الدولة إعادة النظر في التفعيل الصادرة لمبدأ المراقبة، ومراعاة المصلحة العامة حيث تتحقق الأهداف المنشودة، وذلك يخلق ترسانة قانونية متينة تأهله لمواجهة كل الانعكاسات السلبية وهذا هو التوجه الذي سعت إليه الدولة "عند إدخال تعديلات على الميثاق لسنة 2002، حيث كان هناك إجماع حول ضرورة استبعاد التدبير المفوض وتعويضه بأسلوب أخر وهو تدبير المرافق العمومية المحلية عن طريق شركات الاقتصاد المختلط فإلى أي مدى سيكون هذا الأخير ناجعا وفعالا ومتجاوزا لسلبيات التدبير ا

[1] د يحيا محمد مقال منشور في المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ماي يونيو عدد 80 2008 ص 11

[2]   !!!!!!!!!!!!!!!!!!!

[3]القانون رقم 05-54

[4] عبد الله الحداد، الوجيز في قانون المرافق العامة الكبرى منشورات عكاة 2001 ص 52 وبعدها.

[5]

[6]  DROIT MAROC BLOGSPOT.COM

[7] أحمد بوسيدي، الخصائص المميزة العقود التدبير المفوض مقال منشورات في مجلة  المتير القانون مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2012، ص 222

[8]

[9]

[10] -

[11]

[12]-مداخلة ألقيت لمناسبة اليوم الدراسي المنظم من طرف كلية الحقوق ؟؟ موضوع "التدبير المفوض أي فعالية" تاريخ 12 أبريل 2007.

[13]

[14] أنظر أحمد كوني "تجربة مذدنية الرباط والمدن المجاورة لها في مجال التدبير المفوض"

[15] يحيا محمد م س، ص 27

عقد التدبير المفوض