الإمام العلامة المحدث الشيخ محمد الخضر بن مايابى
الجمعة, 03 أكتوبر 2014 09:45

صورة ‏‎Arabeia Ahnna‎‏. أشرنا في حلقة سابقة إلى المكانة العالية العلمية والثقافية التي من الله تعالى بها على عائلة آل ما يابى، التي كرمها الله تعالى بحمل ميراث النبوة، وشرفها بالاستقامة الدينية في حمل رسالة الإسلام وتبليغها للناس في مشارق الأرض ومغاربها بالحكمة والموعظة الحسنة، والواقع أن الباحث في الحياة العلمية لهذه العائلة الكريمة التي تألق نجمها وأرتفع صيتها في المحافل الدولية العلمية والساحة الثقافية الإسلامية، يحار في تبحرهم في جميع العلوم والمعارف كما يحتار عن أيهم يكتب لاستحقاق كل واحد منهم أن تكتب عنه أسفار عديدة ذلك أنهم جميعا تصدروا الساحة الإسلامية وبزوا أقرانهم في الرئاسة العلمية في غرب الإسلام وشرقه وخاصة في مجال القرآن وعلومه والحديث وعلومه....

وقد تناولنا في الحلقة الماضية طرفا من السيرة العلمية للعلامة المحدث الشيخ محمد حبيب الله بن مايابى وفي هذه الحلقة سنتناول طرفا من الحياة العلمية والسيرة الثقافية لأخيه الإمام العلامة المحدث الشيخ محمد الخضر بن مايابى، فهو تاج العلماء ومجدد القرن الرابع عشر الهجري وأبرز علماء الحديث في عصره، الطود الشامخ والعبقري الأصولي الفقيه واللغوي النحوي المنطقي البياني الزاهد الورع الكريم، نادرة الزمان، ورث المجد والعلم والسؤدد كابرا عن كابر، وبرع في العلم والدين والكرم والأدب والسياسة، وكان عذب المشرب محببا موقرا عند الخاصة والعامة، شهد الناس بسعة علمه وقوة حافظته وجرأته في الحق فأحبوه وقدروه وأنزلوه مكانته اللائقة به، وقد توافد إليه الفضلاء ورؤوس العلماء، ليغترفوا من فيضه ويروا من علمه الكثير وأشتهر عنه التواضع والحلم والصبر والزهد والأدب مع العلماء المتقدمين والمتأخرين ومع كل من يجالسه من صغير وكبير...!!! وما حل بقطر من الأقطار الإسلامية إلا وخلف فيه ذكرا حسنا وأستأثر بإعجاب أهله، وقد شرح الله تعالى صدره وأراد به خيرا حين سافر إلى الحجاز وأستقر به المقام في المدينة المنورة سنة 1330 هجرية وتولى الإفتاء والتدريس بالمسجد النبوي الشريف،وشرح الله تعالى صدره لنشر العلم في الحرمين الشريفين، فارتفع صيته ومكانته في الحجاز وكذلك المشرق الإسلامي بصفة عامة، والدارس لحياته العلمية يتبين له بجلاء مدى ما وصل إليه مستواه العلمي من درجة عالية من خلال اطلاعه الواسع على المكتبة الإسلامية وتدوينه للعلوم والمعارف المختلفة، مما جعله في الطبقة الأولى من أعيان علماء زمانه ، وظل يواصل جهوده العلمية الناجحة ببلاد الحرمين الشريفين حتى علت مكانته ورسخت قدمه في العلوم والمعارف المتداولة في عصره، وأصبح من أعلام العلماء المحققين حيث آتاه الله بسطة في العلم ومنحه دقة في الفهم، حتى حاز قسبات السبق في علوم كثير متنوعة، فما من علم إلا قد طرق بابه وحاز فضله ولبابه، فهو الجامع للعلوم النقلية والعقلية المتضلّع من علوم القرآن والسنة النبوية، وهو فوق ذلك كله ذو نظرة شاملة لدين الله وفهم عميق لجذور البلاء ومكامن الخطر فيصرف الدواء على بصيرة من تشخيص الداء ويعطي كل قضية حجمها من دين الله، فلا يبالغ فيما خطبه يسير ولا يهون من شأن أمر خطير، والاتصاف بهذه الشمولية وبهذا التوازن في التعامل مع قضايا هذا الدين صفة العلماء الراسخين في العلم. وقد أرتفع صيته وعلت منزلته في العالم الإسلامي وأثنا عليه العلماء ووصفوه بصفات حميدة، وقد شهد له بذلك سلطان المغرب مولاي عبد الحفيظ رحمه الله في كلام طويل مستفيض في الثناء عليه وذكر محامده ومناقبه ومكارمه الجمة ومن ذلك قوله:" ومن أشياخي الفقيه العالم المتفنن المتبحر المشارك في المعقول والمنقول ، المهاجر في سبيل رب العالمين عن مخالطة الضالين المضلين ، من لم تغره الدنيا وزخرفها ولا بنون إذا ذاكرته في علم حسبت أنه هو الذي يعلم مع استغراقه في العبادة واستغراق ما عداها في تدوين الإفادة ، محمد الخضر بن مايابى". وقد أشتهر بالمدينة المنورة وأثنى عليه علماء المشارقة ووصفوه بصفات حميدة حتى أطلقوا عليه " عالم المدينة" إشارة إلى الحديث "يوشك أن تضرب أكباد الإبل..." الحديث، وفي هذا المعنى يقول فيه محمد البيضاوي بن أمانة الله: ولو رأى مالك ما قد صنعت بها === لقال هذا الذي قد كنت أصنعه لم أنس أيامنا عند الفقيد بها === الحق نسمعه والعلم نرضعه لا عيب في الشيخ إلا أن صاحبه === إن زاغ يرشده أو جاع يشبعه وهذا غيض من فيض فالثناء على العلامة محمد الخضر بن مايابى، قد سارت به الركبان وتظنا به الناس في المحافل الدولية، ومن درس مؤلفاته أو طالع فيها تبين له ما وصل إليه مستواه العلمي من درجة علمية عالية رفيعة، ومن هذه المؤلفات: - كتابه: " إيضاح مختصر خليل بالمذاهب الأربعة بأصح دليل" - "استحالة المعية بالذات " - و"إبرام النقد " وغير ذلك. ولو لم يكن له إلا كتابه " كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري" لكفى في الإشادة بذكره والوقوف على جلالة قدره، فإن هذا الكتاب بحق هو قاموس السنة، ويدل على جلالة قدر مؤلفه وسعة معارفه العلمية وتنوعها....!!!! بقلم د\ الطيب بن عمر مدير مكتب رابطة العالم الإسلامي بموريتانيا

الإمام العلامة المحدث الشيخ محمد الخضر بن مايابى