ثقة في النفس وحنكة دبلوماسية
الأحد, 23 فبراير 2014 16:26

عبد العزيز بوتفليقة في إحدى إطلالته الأخيرة بعد المرض /  صحيفة لوفيغارويعد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي قدم ترشحه لولاية رابعة, مهندس المصالحة الوطنية التي وضعت حدا لحرب أهلية اسفرت عن 200 الف قتيل على الأقل في الجزائر.

وبوتفليقة الذي يحتفل بعيد ميلاده الـ 77 في الثاني من مارس من أكثر الشخصيات الذين تركوا بصمة في الحياة السياسية الجزائرية, خصوصا وانه يحكم البلاد رغم متاعبه الصحية منذ 1999.     ومنذ دخوله المستشفى العسكري في باريس اول مرة في 2005 للعلاج من قرحة في المعدة, اصبح اختفاؤه يثير التساؤلات ويتسبب في انتشار شائعات حول وفاته, كما حدث عند نقله للعلاج في المرة الاخيرة في ابريل الماضي، بسبب جلطة دماغية أبعدته عن الجزائر ثلاثة اشهر.     وعاد الى الجزائر على كرسي متحرك ليخضع لفترة نقاهة لم يعلن بعد خروجه منها رغم طهوره في التلفزيون الرسمي أثناء انعقاد مجلس الوزراء أو عند توقيع ميزانية الدولة أو حين استقبال بعض زائريه.     وحطم بوتفليقة الرقم القياسي في رئاسة البلاد بحوالي 15 سنة بينما كان الرئيس هواري بومدين قضى 13 سنة في رئاسة وصل اليها بانقلاب عسكري وتركها حين غيبه الموت (1965-1978).     وغداة الاستقلال في 5 يوليو 1962 تقلد بوتفليقة منصب وزير الشباب والرياضة والسياحة في أول حكومة للرئيس احمد بن بلة (1962-1965).     ولم يمنع سنه الصغير (26 سنة) وقامته القصيرة وجسمه النحيف من تعيينه وزيرا للخارجية خلفا لمحمد خميستي الذي اغتيل امام المجلس الوطني (البرلمان) في 11 نيسان/ابريل ,1963 وبقي في هذا المنصب 16 سنة إلى ما بعد وفاة هواري بومدين.     ووصل بوتفليقة الى الحكم بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في 1999 بنسبة 90,24% من الاصوات, ثم اعيد انتخابه في 2004 و2009 بفضل تعديل دستوري الغي تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين.     وبادر بوتفليقة منذ ولايته الاولى الى اعادة السلم الى بلاده التي انهكتها "حرب اهلية" كما وصفها في سنوات التسعينيات, اسفرت عن حوالى 200 ألف قتيل, حسب مصادر رسمية.     وفي 1999 قدم الرئيس الجزائري قانون الوئام المدني للاستفتاء الشعبي ثم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في 2005 وهو ما سمح باطلاق سراح الاف الاسلاميين من السجون والقاء السلاح بالنسبة لآلاف آخرين والعودة الى الحياة الطبيعية مقابل "العفو عنهم" وعدم متابعتهم أمام القضاء.     لكن ذلك لم يوقف الهجمات بصفة نهائية في البلاد, التي شهدت تفجيرات في 2007 ضد قصر الحكومة والمجلس الدستوري ومكتب للأمم المتحدة.     وعادت المخاوف لدى العواصم الغربية من تدهور الوضع الامني مجددا بعد هجوم مجموعة اسلامية مسلحة في يناير من العام الماضي، على الموقع الغازي في ان اميناس شرق الصحراء وحجز مئات الرهائن الجزائريين والاجانب قتل منهم 37.     وتميزت الحياة السياسية خلال حكم بوتفليقة بالركود وغياب النقاش الحقيقي حتى داخل الحكومة حول القضايا الكبرى، بما انه كان يمرر كل القوانين والتعديلات الدستورية بدعم من حزبه جبهة التحرير الوطني وحليفه الدائم التجمع الوطني الديمقراطي.     ووصف وزير سابق عمل في حكومة بوتفليقة من 1999 الى 2002 الرجل بانه "مزاجي" وبدون اي مشروع سياسي, حتى ان "رؤساء الحكومات كانوا لا يجرؤون على الحديث خلال اجتماع مجلس الوزراء نظرا لاحتقاره لهم".     ويتذكر الوزير السابق ان بوتفليقة دافع مرة بقوة عن عودة التدريس باللغتين العربية والفرنسية كما كان الحال حتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي, "ثم تراجع وحذر بشدة من المساس بالمكانة المقدسة للغة العربية".     وواجه بوتفليقة خلال حكمه عدة أزمات سياسية خرج منها بسلام بفضل توفر أموال النفط وحنكته الديبلوماسية. ففي 2001 ثارت منطقة القبائل المعروفة بمناهضتها للسلطة وبعد عشر سنوات اندلعت احتجاجات ضد غلاء المعيشة, تبعتها مطالب بتغيير النظام.     فقرر تعديل الدستور في 2002 لتلبية مطلب اعتبار الامازيغية لغة وطنية, وهو احد مطالب منطقة القبائل, ولامتصاص غضب الشارع 2011 أعلن رفع حالة الطوارئ بعد 19 سنة من فرضها كما اعلن اصلاحات سياسية تفاديا لتداعيات الربيع العربي, من خلال سن قوانين انتقدتها المعارضة بقوة واعتبرت انها تكريس لاستفراد الرئيس بالسلطة.     ولفت بوتفليقة المولود في 2 مارس 1937 في وجدة (المغرب) منذ توليه وزارة الحارجية انظار المجتمع الدولي, قبل ان يتعرض للتهميش والاتهام بالفساد بعد وفاة الرئيس هواري بومدين في كانون ديسمبر, 1978 وهو الذي كان من اقرب مقربيه ومرشح لخلافته. فقرر الابتعاد عن الحياة السياسية في 1981 والاقامة في دبي وسويسرا.     والتحق الرئيس الجزائري بجيش التحرير الوطني في 1956 لمحاربة الاستعمار الفرنسي, وبعد الاستقلال في 1962 تقلد حقيبة وزارة الشباب لفترة وجيزة خلال حكم الرئيس احمد بن بلة ثم وزارة للخارجية من 1963 الى 1979.     ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ     تسلسل زمني لأبرز المراحل في رئاسة بوتفليقة :     1999  - 15 ابريل: انتخاب عبد العزيز بوتفليقة وزير الخارجية السابق رئيسا للجمهورية بنحو 73,79% من اصوات الناخبين.     - 29 مايو: في اول خطاب الى الشعب الجزائري, بوتفليقة يمد يده الى الاسلاميين المسلحين ويعرض الخطوط العريضة لولايته من خمس سنوات.     - 16 سبتمبر: المصادقة في استفتاء على قانون الوئام المدني (98,63% نعم) الذي ينص على عفو جزئي على الاسلاميين المسلحين.     2000     14/17 يونيو : بوتفليقة يقوم بزيارة دولة الى باريس في ثاني زيارة لرئيس دولة جزائري الى فرنسا منذ استقلال البلاد في 1962.     2001  - 18 ابريل : مقتل طالب في الثانوية في مركز للدرك الوطني قرب تيزي وزو (منطقة القبائل شرق العاصمة) يفجر اضطرابات "الربيع الاسود" التي قمعتها السلطة بشدة (126 قتيلا والاف الجرحى).     12/13 يوليو: عبد العزيز بوتفليقة يزور الولايات المتحدة احد ابرز شركاء الجزائر على الصعيد الاقتصادي.     2004  08 ابريل : اعادة انتخاب بوتفليقة لولاية ثانية من خمس سنوات بنحو 84,99% من اصوات الناخبين.     2005  1 سبتمبر :دخول اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الاوروبي المبرم في نيسان/ابريل ,2002 حيز التنفيذ     26 نوفمبر: الرئيس بوتفليقة يدخل مستشفى فال دو غراس العسكري بضاحية باريس بسبب نزيف في المعدة.     2006  1 مارس: تطبيق ميثاق السلم والمصالحة واطلاق سراح اكثر من 2200 مسجون بسبب "الارهاب" من بينهم مؤسس الجماعة الاسلامية المسلحة عبد الحق لعيايدة واستسلام 300 اسلامي مسلح.      14 سبتمبر: الجماعة السلفية للدعوة والقتال تبايع زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن وفي 2007 تغير اسمها الى القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.     2007  11 ابريل: 32 قتيلا في تفجيرين متزامنين استهدف احدهما قصر الحكومة, واعلنت القاعدة مسؤوليتها عنهما.     06 سبتمبر: انتحاري يفجر نفسه لدى مرور موكب الرئيس بوتفليقة في باتنة (شرق). اسفر التفجير عن مقتل 22 شخصا.     11 ديسمبر: تفجيران انتحاريان يستهدفان مقر المجلس الدستوري ومكتب الامم المتحدة (41 قتيلا) تبنتهما القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.     9 ابريل 2009: إعادة انتخاب بوتفليقة لولاية ثالثة (90,24%). كان البرلمان قد صادق في نهاية 2008 على تعديل في الدستور يلغي تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين.     2011  من 05 الى 09 يناير: تظاهرات ضد غلاء المعيشة في بداية "الربيع العربي", أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص و800 جريح, تبعتها احتجاجات للمطالبة بالسكن وبوظائف دائمة وزيادة الاجور.     24 فبراير:  رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ 1992 مع بداية العنف الاسلامي ضد السلطة التي الغت الانتخابات التشريعية التي كان سيفوز بها حزب الجبهة الاسلامي للانقاذ (محظور) ما ادخل البلاد في حرب اهلية اسفرت عن 200 الف قتيل حسب ارقام رسمية.     - 15 ابريل: الرئيس بوتفليقة يعلن عن اصلاحات سياسية منها مصادقة البرلمان على قوانين الانتخابات والاحزاب والمشاركة السياسية للمرأة, التي انتقدتها المعارضة.     2012  10 مايو: حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الواحد سابقا) الذي يرأسه بوتفليقة "فخريا", يتقدم بفارق كبير في الانتخابات التشريعة عن التجمع الوطني الديموقراطي حليفه في الحكومة.     19 و20 ديسمبر: زيارة دولة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي يعترف "بالآلام التي سببها الاستعمار الفرنسي" للجزائر, بدون ان يقدم اعتذارا من فرنسا.     2013  من 16 الى 19 يناير: مجموعة اسلامية مسلحة تهاجم موقعا للتنقيب عن الغاز في ان امناس (1300 كلم جنوب شرق الجزائر) وتحتجز رهائن. العملية انتهت باقتحام القوات الخاصة الجزائرية للموقع ما اسفر عن مقتل 37 رهينة اجنبية وجزائري واحد على الاقل.     27 ابريل: نقل عبد العزيز بوتفليقة الى باريس للعلاج من جلطة دماغية, نقل على اثؤها للعلاج في المستشفى العسكري بفال دوغراس بباريس ثم مؤسسة لازافاليد ولم يعد الى الجزائر سوى بعد 80 يوما.     4 سبتمبر : بوتفليقة يجري تعديلا حكوميا هاما بتعيين عبد المالك سلال رئيسا للوزراء, وفي الشهر نفسه يعين مسؤولين جدد في جهاز المخابرات.     2014  16 يناير: بوتفليقة يعود الى فال دوغراس من اجل فحوص "اظهرت تحسن حالته الصحية" لكنه لم يلق اي خطاب ولم يعقد سوى مجلسين للوزراء.    صحراء ميدياء

ثقة في النفس وحنكة دبلوماسية