شعب السيسي "المختار"؟! د/ أحمد منصور
الخميس, 13 مارس 2014 18:39

alt

حسم السيسي أمره، وأعلن أنه لا يستطيع أن يتأخر أو يتجاهل نداء الشعب له بالترشح للرئاسة. وهذا يعني أن السيسي هو رئيس مصر القادم، وأن الإجراءات الشكلية التى ستسبق توليه المنصب، والتي سيشارك فيها بعض الممثلين والكومبارس لا تعدو أن تكون ضرورية لاستكمال مشهد الانقلاب الذي قام به في الثالث من يوليو الماضي. وقد جاء إعلان السيسي رغم أنه لازال في منصبه العسكري، وأعلنه وهو يرتدي بزّته العسكرية وسط العسكر وطلاب الكليات العسكرية.

وهذه إشارة منه إلى أنه مرشح الجيش، وأنه يسير على نفس النهج الذي سار عليه كنعان إيفرين حينما قام بانقلابه في تركيا في شهر سبتمبر عام 1980 وتولى بعده الرئاسة حتى العام 1989، وكذلك السيناريو الذي سار عليه برويز مشرف حينما قام بانقلابه على حكومة نواز شريف المنتخبة في أكتوبر عام 1999 في باكستان وتولى الرئاسة في يونيو 2011 حتى أجبر على الاستقالة في 18 أغسطس 2008 لكن كلا من كنعان إيفرين وبرويز مشرف يحاكمان بتهمة الخيانة الأول في تركيا والثاني في باكستان وهذا هو الفصل الأخير من السيناريو الذي سيصل إليه السيسي عاجلا أو آجلا.

أما حينما أعلن السيسي أنه لا يستطيع أن يتجاهل نداء الشعب إنما قصد شعبه هو وليس الشعب المصري، حيث نجح السيسي لأول مرة في تاريخ مصر من أن يفرق بين المرء وزوجه والأخ وأخيه والأب وابنه عبر حملة الخداع الكبري والفتنة التي قادها خلال الأشهر الماضية، ورسخ معني وجود شعبين فى مصر بكل الوسائل بما فيها الأغنية الشهيرة "إحنا شعب وانتم شعب" أما شعب السيسي المختار فإنه يتكون من فئات تملك كل عناصر القوة والخداع فى مصر بينما شعب مصر الحقيقي فإنه لا يملك إلا إرادته والأرتكان إلى قدرة الله. ويتكون شعب السيسي المختار من:

أولا: القوات المسلحة

وهذه درجات في امتيازاتها ومكانتها من القائد الملهم، وكلما زاد القرب من السيسي كلما كانت الامتيازات بلا حدود حيث يحظى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالامتيازات الكبرى بلا حدود، يليه رجال المخابرات العسكرية بنفوذهم وسطوتهم على باقي قطاعات وضباط الجيش، كما أنها الجهة التي كان يرأسها السيسي قبل توليه منصب وزير الدفاع ويرأسها الآن صهره اللواء محمود حجازي، والتي حول السيسي دورها من جهاز معلومات يحمي القوات المسلحة إلي جهاز سياسي يدير شئون البلاد ويعلوا فوق سلطة المخابرات العامة وأمن الدولة وباقي الأجهزة الأمنية الأخرى، يلي جهاز المخابرات العسكرية جهاز المخابرات العامة ورغم أنه يخضع مباشرة لسلطة رئيس الجمهورية، إلا أن السيسي بمجرد أن قام بانقلابه كان أول قرار أخذه هو إقالة مدير المخابرات العامة اللواء رأفت شحاته الذي كان قد عينه الرئيس مرسي وعين اللواء محمد فريد التهامي رفيق دربه ومدير المخابرات الحربية الأسبق والذي أقاله مرسي بتهمة الفساد من جهاز الرقابة الإدارية ووصفته الصحف الغربية بأنه من أفسد جنرالات مصر على الأطلاق، يأتي بعد هؤلاء ضباط الحرس الجمهوري، حيث يستخدم كل هؤلاء مناصبهم لتقديم الخدمات والاثراء السريع وتخطي كافة القوانين والنظم ليكونوا هم الطبقة المميزة تماما مثل المماليك فى تاريخ مصر القديم

ثانيا: جهاز الشرطة

يلي القوات المسلحة بدرجاتها المختلفة جهاز الشرطة أحد أذرع القوة فى شعب السيسي المختار حيث أكبر تجمع للمرضي النفسيين والشخصيات السادية في مصر من الضباط وأمناء الشرطة والمخبرين السريين، والنفوذ الأكبر في هذا الجهاز العفن لضباط أمن الدولة أو الأمن الوطني لاسيما بعدما أعاد وزير الداخلية للجهاز كل من أبعد منه بعد الثورة، وضباط هذا الجهاز أغلبهم من ذوي العاهات المرضية والشذوذ النفسي، وقد كان نفوذهم قبل الثورة يفوق نفوذ معظم الأجهزة العسكرية لكن العسكر تعمدوا أن يكسروا جهاز الشرطة وجهاز أمن الدولة تحديدا على اعتبار أنه كان يتجسس حتى على الضباط، من ثم بعدما كسروه أخذوه تحت البيادة "الحذاء العسكري الميداني الغليظ" ليكون لهم السطوة والنفوذ وعليه السمع والطاعة، وتنفيذ ما يصدر لقيادته من أوامر من المخابرات الحربية، يلي أمن الدولة المباحث وكثير من ضباط المباحث لاأخلاق لهم ولادين يتخلقون بأخلاق من يتعاملون معهم من اللصوص والبلطجية والمجرمين ولا يختلفون كثيرا عنهم سواء فى الأخلاق أو السلوك، ومن ثم فإنهم يمارسون وسائل وأساليب الكلاب المسعورة في تعاملهم مع الناس ويعتقدون أنهم فوق البشر وكل ما يريدونه هو من حقهم، أما الطبقة الأقذر في الجهاز فهي طبقة أمناء الشرطة والمخبرين السريين وهؤلاء الذين يمارسون التعذيب فى أقسام الشرطة والسجون والمعتقلات ويتعاملون مع الناس من خلال المستنقعات التي نشؤوا فيها، ويطلقهم الضباط كالكلاب المسعورة على المعتقلين من خيرة أبناء مصر وبناتها ليسوموهم سوء العذاب.

ثالثا: النيابة 

تلعب النيابة والنائب العام دورا هاما بعد العسكر والشرطة في بنية شعب السيسي المختار فالنيابة هي التي تقوم بتلفيق القضايا وإصدار الأوامر للشرطة بملاحقة الشعب الآخر بكل فئاته ومعارضيه بدءا من الرئيس محمد مرسي وحتى الأطفال الذين لا يزيد عمر بعضهم عن 14 عاما وهي التي ترتب القضايا حتى يقوم القضاة بإصدار الأحكام فيها كذلك هي التي تحجب قضايا الفاسدين وتمنع ملاحقتهم بل تحميهم من الشرطة والقضاء وتمنع الاقتراب منهم وهي كذلك التي تفرج عن المجرمين حتى لو كانوا متلبسين كل شيء يطبخ في النيابة فهي مطبخ الظلم ومستنقع الفساد القضائي.

رابعا: القضاء 

يتباري القضاة الموالون للسيسي والذين يعتبرون الفئة الرابعة من شعب السيسي المختار بإصدار الأحكام القاسية بحق كل من يعترض على السيسي من شعب مصر ولعل الأحكام التي صدرت بالسجن سبعة عشر عاما على طلاب الأزهر والتي تصدر كل يوم بأحكام مختلفة على غيرهم حتى على أطفال صغار يتم إيداعهم دور الرعاية الاجتماعية رغم تفوقهم في المدارس، وحينما كان يتم توزيع القضايا فى البداية بشكل تراتبي كان بعض القضاة الذين لديهم بقايا من الضمير يتنحون عن نظر القضايا تحت بند "استشعار الحرج" ولما كثر التنحي وأصبح يشكل حرجا لسلطات الانقلاب خصصوا دوائر لمحاكمة معارضي الانقلاب سرعان ما تكالب عليها القضاة عديمو الضمير الذين ينظرون إلي المنافع والمناصب وأخذوا يتبارون في إصدار الأحكام غير المسبوقة التى تفوق الخيال وتتجاوز حدود المنطق وهم بذلك يشكلون أحد أذرع الظلم القوية للشعب المصري .

خامسا: رجال الأعمال 

تمثل طبقة رجال الأعمال الفاسدين الذين أثروا ثراء فاحشا من دماء الشعب وقوته خلال العقود والسنوات الماضية أحد أدوات شعب السيسي المختار القوية في دعم انقلابه عبر دعمهم اللامحدود للقنوات التليفزيونية التي أخذوا تصاريح سريعة بإنشائها خلال فترة حكم المجلس العسكري وحولوها لخدمة السيسي وطبقات نظامه، كما أن رجال الأعمال هؤلاء هم الذين دعموا البلطجية وكل التحركات التي قامت لإسقاط النظام الشرعي ومن ثم كانت لهم الحظوة بعد ذلك في تركيبة شعب السيسي المختار لكنهم يأتون في المرتبة الخامسة لأنهم في النهاية طبقة خدم للنظام، وكثير من هؤلاء أصبحوا يتاجرون حتى بالقنوات التليفزيونية التي يمتلكوها أو بالعاملين فيها ويحظون بدعم كبير من الدول المؤيدة للانقلاب علاوة على الامتيازات والعطايا التي يحظون بها من سلطات الانقلاب.

سادسا: الإعلاميون

تمثل طبقة الإعلاميين الفاسدين الهابطين الحنجوريين الذين يمارسون التضليل والأكاذيب عبر شاشات الفضائيات أحد ركائز شعب السيسي المختار فهم الذين يروجون الإشاعات وينشرون القصص المفبركة ويسوقون السيسي لدي العوام والجهلة وهؤلاء يمولون بشكل مباشر من طبقة رجال الأعمال خدم النظام ولصوص ثروات الشعب عبر رواتب باهظة تفوق الخيال، كما يحظون برواتب موازية من الدول المؤيدة للانقلاب تأتي على هيئة هبات مالية وكثير منهم يترددون على هذه الدول بانتظام للحصول على الدعم والحظوة.

سابعا: الصحفيون

يأتي الصحفيون في مرتبة أدنى من مرتبة الإعلاميين في شعب السيسي المختار وإن كان كثير من الصحفيين تحولوا إلى إعلاميين ومقدمي برامج أو منتجين أو مساعدين، فليس سرا أن فريق كل صحيفة من مدير التحرير وحتى بعض المحررين يعملون في صحفهم في الصباح وفي المساء فى الفضائيات رغم أن معظم هؤلاء لا يعرفون كيف يديرون حوارا أو يقدمون برنامجا بشكل مهني لأن المهارات المطلوبة هي الردح وسلاطة اللسان والانحطاط الأخلاقي والانحياز السافر لشعب السيسي المختار ضد الشعب المصري وهؤلاء يمارسون التضليل عبر الصحف والمواقع على الشبكة العنكبوتية.

ثامنا: النخب الطفيلية

وهؤلاء يمثلون باقي أركان الدولة العميقة والمستفيدين الطفيليين من أي نظام فى السلطة ولنا أن نتخيل أن مصر فيها سبعة ملايين موظف حكومي كثير منهم أو معظمهم غير مؤهلين والعناصر الصالحة فيهم منبوذة لا تستطيع أن تتحمل أعباء الحياة مع الرواتب الهزيلة وانتشار الفساد حيث يعمل الأغلبية وسط مستنقع فساد تديره عصابات فى بعض القطاعات هؤلاء مصالحهم مرتبطة بنظام السيسي الفاسد من ثم فهم يحمون السيسي حماية لمصالحهم وليس حبا فيه، وهم يشكلون قطاعا لا بأس به في شعب السيسي المختار حيث يقتات هؤلاء على الفتات الذي يتبقي من باقي طبقات الشعب الفاسدة وكثير من هؤلاء الطفيليين يقولون لك "نريد أن نعيش" أي عيش هذا المغموس بالذل والعار؟

تاسعا: البلطجية

هم أحط طبقات شعب السيسي المختار ومعظمهم أو كلهم من المسجلين خطر وخريجي السجون الأجرام حرفتهم والإدمان واقتراف الحرام ديدنهم لادين لهم ولا خلق ولا كرامة إنسانية يفعلون كل ما يطلب منهم مقابل المخدرات التي توزع عليهم أو عطايا مالية بسيطة لا تسمن ولا تغني يمارسون القتل والسرقة والمعارك بالأسلحة البيضاء ويهاجمون الآمنين ويتحرشون بالنساء ويعتدون عليهم ويقومون بكل الموبقات خدمة للسيسي وشعبه المختار وتستطيع أن ترصدهم بألفاظهم وطريقة كلامهم وملابسهم وأدائهم على الفضائيات فارغين من كل إنسانية جردهم النظام من إنسانيتهم ويستخدم الحيوانية التي فيهم ليدمر بها الإنسانية لدي الشعب المصري.

عاشرا: العامة والدهماء

هؤلاء هم القطيع الذي يمشي مع العصا ويحب حياة الذل والعبودية شاهدهم الناس وهم يحملون البيادة على رؤوسهم ليظهروا عبوديتهم وخنوعهم للسيسي وجنده أذلاء صاغرين يعشقون الذل ويحبون الهوان ويدافعون عن الباطل بعرض من الدنيا وهم كغثاء السيل يمشون كالقطيع يرددون ما يعون ويحبون حياة الهوان، وهؤلاء ما أهونهم عند الله وعند الناس.

هذه هي أهم طبقات شعب السيسي المختار بعدما قرروا أن ينشقوا عن الشعب المصري الأصيل وأعلنوا مقولتهم المشهورة "إحنا شعب وانتم شعب" وأكدوا على أنهم من طينة أخرى غير طينة هذا الشعب الأصيل طينة معجونة بالخيانة والذل فلا يوجد مصري يعذب مصريا أو يقتل مصريا أو يصوب بندقيته إلى مصري وإن كان يرتدي زي الجيش المصري فهو مجرم بجرمين الأول أنه يرتدي زيا لا يستحقه والثاني أنه قاتل لأن بندقيته يجب أن توجه ضد أعداء مصر وليس إلى شعبها، ولا يوجد قاض مصري يحاكم مصريا شريفا، فقضاة دنشواي ماتوا معزولين مكروهين من الشعب لأنهم حكموا بالباطل على بعض أبناء الشعب وهكذا يجب أن يعامل قضاة الانقلاب حتى يموتوا، ولا يوجد مصري يدلس على المصريين ويروج الأكاذيب ويفبرك القصص عن الشرفاء ويدعي أنه صحفي أو إعلامي فهؤلاء مدلسون مجرمون كارهون لمصر وشعبها وإن تشدقوا بحبها وتغنوا بعشقها.

شعب السيسي المختار هم الذين يمثلون أدوات القوة التي تحمي هذا النظام الانقلابي وتدافع عنه وتروج لأكاذيبه وجرائمه التي تبدأ بالتفريق بين أبناء الشعب وتنتهي بالاعتقال والتعذيب والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد مع سلب ونهب ثروات الشعب وخيراته ومحاكمة خيرة أبنائه، ورغم مظاهر القوة التي تبدوا لدي شعب السيسي المختار إلا أنه ضعيف أمام إرادة الشعب المصري وقد ضربت كثير من النسوة المستضعفات والأطفال المعتقلون وطالبات المدارس الأطهار المثال بأن كل واحد أو واحدة منهن تساوي شعب السيسي المختار بكامله، لأن الشعب المصري الأصيل لا يتصف بهذه الصفات القبيحة ولا يحمل هذه المؤهلات الهابطة

   إن المصري الأصيل هو الذي يتصف بالنبل والأصالة والكرامة والإنسانية والرجولة والمروءة والشهامة وكافة الصفات الفطرية الأصيلة والمعدن الإنساني النفيس، وإن ظهرت الغلبة لشعب السيسي المختار فإنها غلبة اللحظة العابرة ولن تطول، وسوف تعود مصر لأهلها وشعبها بأصالتها وعراقتها وتاريخها ومعدن أهلها النفيس وسوف يذهب هذا الزبد والغثاء ولن يبقي في الأرض إلا ما ينفع الناس حتى لو بعد حين.

 

شعب السيسي