سياسة تعميق الأزمات / السيد علي ولد السالك
الخميس, 27 نوفمبر 2014 10:30

لقد عودتنا الأنظمة المتعاقبة على الحكم في موريتانيا على سياسة التخدير في الحالات التي تظهر فيها أزمات وطنية تحتاج إلى حل جذري وعميق فكانت تحسن فن ترحيلها إلى المستقبل، وهي الأزمات التي يعمل التزمت الديني والضائقة الاقتصادية الناتجة عن سوء التسيير والتي ترزح تحتها موريتانيا على 

إخراجها في شكل قلاقل مدنية متصاعدة عبرت عنها كل مكونة اجتماعية في هذا البلد على شكل وثيقة أو مدونة مطالب كما تعيشها، فكان تعامي النظام القائم عن قراءة الإشارات التي ترسلها هذه القلاقل وضربه بذراع القوة كل من يخرج عن الأسلوب التقليدي للاحتجاج (التذمر، الرفض الداخلي) وعدم سعيه لإيجاد فرجة في طود الأزمات السياسية والاجتماعية

والاقتصادية القائمة، مبررا لرجحان كفة التوتر ومؤشرا على بلوغه قمة الفشل السياسي، وما عجزه عن خلق سياسة حزبية تفيد في فرض السلم الاجتماعي بين مكونات المجتمع، واعتماده سياسة ملئ الفم بالكلمة بدل اللقمة في حرية الإعلام المزعومة، وتجاهله للأصوات الرافضة لاستمرار هذا الأسلوب من انتهاك حقوق الأفراد والجماعات، إلا نتيجة حتمية للانغلاق السياسي الذي يطبع تعامل النظام اليوم مع القضايا الوطنية ذات الحساسية . فإذا كان استنساخ النظام الإقطاعي القديم في تغليب مصلحة رجال الأعمال والمتنفذين وبيعهم أراضي المزارعين رغما عنهم بدل التحسين من أداءهم من خلال القرض الزراعي – وهم أحوج إليه – وتمكين المؤسسات متعددة الجنسيات التي تتهافت بشكل هستيري على الاستثمار في المجال الزراعي في موريتانيا (السودان، السعودية، قطر وأخيرا المغرب) في صفقات لم تتضح معالمها ويتوقع أن تأتي على ما تبقى من أملاك المزارعين، فكما يثير هذا الكثير من التساؤلات من قبيل، لماذا لم يستصلح هؤلاء المستثمرون أراضي جديدة بدل اغتصاب أراضي المواطنين بقوة الدولة؟ فانه يبعث على البحث عن طبيعة هؤلاء المزارعين ويعيد طرح المشكلة العقارية بقوة . ينضاف إلى ذلك عمل النظام على إظهار المنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني والأحزاب السياسية على أنها عبارة عن دمى ورقية تتاجر بالقضايا الوطنية الأساسية وتحاكي تجارب خارجية لا تتقن إسقاطها على واقع البلد وبالتالي لا تستحق صفة الشراكة التي تحظى بها مثيلاتها في البلدان الأصلية للتجربة . لا احد ينكر حاجة هذا الوطن إلى الحريات كغذاء لروح التعبير عن همومه ومعاناته، لكن جوعه إلى العدالة والمساواة يؤدي به إلى العرج الدائم بسبب نمو بعض مكوناته على حساب البعض

سياسة تعميق الأزمات / السيد علي ولد السالك