كلنا في اللائحة/ محمد سالم الشيخ
الاثنين, 23 ديسمبر 2013 14:25

alt

كثر اللغط حول اللائحة التي كان ينوي الزميل الصحفي المميز والملتزم رياض أحمد الهادي نشرها لبعض من الصحافة التي ترتبط بعلاقات خاصة مع دوائر رسمية مثل الرئاسة و رئاسة الوزراء وإدارة الأمن، و قد تم الالتفاف على لائحة رياض فظهرت لائحة أخرى لبعض الزملاء منهم من يعرف الجميع علاقاته المشبوهة بهذه الدوائر ومنهم من هو بعيد عن ذلك، و قد فاحت من اللائحة الجديدة رائحة الطبخات الأمنية، حيث ناورت بمدونة غير موجودة، و أدرجت بعض الأسماء المهمة لإعطاء مصداقية للائحة، كما ذكرت بعض الأسماء المعروف تعاونها مع جهات أمنية وهي نفسها تذكر ذلك التعاون وتفتخر به، و في فورة الغضب طالب الزملاء أو بعضهم رياض بإبراز لائحته لكي يبين براءة بعض المذكورين في حادثة الإفك الجديدة ، كما وصفها أحد الزملاء .

كل هذه الأحداث جعلتني أراجع ذهنيا حالة الصحافة الوطنية التي شهدت بداياتها المتعثرة و شاركت في بعضها، و تابعت بعضها عن قرب، مما جعلني استخلص نتيجة وهي أننا كلنا في اللائحة سواء بأسمائنا أو بممارساتنا أو تمالئنا مع أصدقائنا وزملائنا الموجودين في اللائحة، و لا أدل على ذلك من خيارنا للزمالة على قدسية الخبر و أحقيته في النشر وتزويد المتلقي به قبل التفكير في نتائجه و ما سينجم عنه من مضايقات و حتى إهانات.

بعيدا عن اللائحة و من ينتسب لها ، نرى أن وضعية المهنة تفرض على أي شخص يمارسها في موريتانيا أن تكون له علاقات بمصادر القرار و الأخبار و أن تكون هذه العلاقة على حسابه لأن الكل ينظر له بريبة وعلى أنه يريد فقط أن يحصل على مبلغ يسكت به صرير أمعائه، لأن شرذمة من المتسولين كانت تقدم نفسها على أنها صحافة و كان الكل يسكت عن ممارساتها حتى أخذ بجريرتها، لأن فينا الكتاب الذين لا يفرقون بين الفعل والاسم و لا بين موريتانيا و جزر موريشيوس عندما يدخلون كوكل لممارسة هوايتهم المفضلة في النسخ و اللصق، لأن فينا أصحاب المواقع الذين يمتلكون فيلات كبيرة وسيارات فارهة مع أن مواقعهم خالية من الإشارات و دعم الصحافة لا يكفي لذلك قطعا. لأننا سكتنا عن كل ذلك فنحن في اللائحة سواء بأسمائنا أو صفاتنا أو ما صدقنا.

و لأننا أيضا في دولة يستولي فيها المسؤول على ميزانية وزارة بكاملها لحسابه الخاص دون أن يتمكن أي صحفي من الحديث عنه أو مجرد اللمز من طرف خفي لفعلته ، لأنه يقسم جزءا من تلك الميزانية على الزملاء وحق الزمالة يستوجب السكوت عن ذلك، أو لأننا ننتظر أن ننضم للائحته الخاصة في المرة القادمة ، لكل تلك الأسباب نسكت عن فعلته فننضم للائحة من جديد .. لأننا في دولة عندما تسر لصديق قديم بمهنتك فأول ما يفكر فيه أن يعطيك مبلغا من المال، لأن المجتمع الجديد يعرف الصحفي على أنه الشخص المتملق اللجوج الخؤون الكذوب، و لأننا نستحلي تلك الأوصاف ونسكت عنها فندخل في اللائحة من جديد .. و لأننا كنا شهودا على سرقة وطننا بكامله من طرف شرذمة من اللصوص فسكتنا لأنهم دفعوا لنا مكوسا أو عربون سكوت، فرضينا و سكتنا.. فكنا في اللائحة .

لقد تم الالتفاف على لائحة رياض، و لم يعد للحدث أهميته سواء نشر اللائحة أم لم ينشرها، لأن الجميع سيقارنها باللائحة – الفرية – و سيقول إنه لم يكن فيها وأن أيادي خفية أدخلته رغما عنه فيها، و أنه معروف بالنزاهة و التعفف عن مال الغير و أنه لم يحاول يوما أن يتنازل عن شرفه الغالي، و سنسكت عنه أيضا و نتغاضى عن فريته، كما فعلنا مع سابقيه، سيفتخر آخرون بعدم ورود أسمائهم و يعتبرون ذلك صك نزاهة و استقامة بل دليل مهنية و موضوعية و إتقان للغة، و سنسكت أيضا و نطأطئ رؤوسنا كما تعودنا .

وقع لنا ما وقع لأننا فرطنا في مهنتنا وأفقدناها قيمتها فسامها كل خياط وبناء وحائك، سيطر عليها الغرباء دون أن ننبس ببنت شفة، وصاروا يقدمون ثقافتهم المشوهة و نحن نهز رؤوسنا تعجبا و ربما أسفا على حالنا التي صرنا عليها .. على إخواننا أن لا يتعبوا أنفسهم بطلب البراءة من لائحة رياض، فنحن كلنا (أهل اتويميرت) نعرف بعضنا ونعرف من أخذ وكيف أخذ ومن أخذ، لكننا سنسكت عن ذلك ، و تعتري وجوهنا ابتسامات بلهاء لا نعرف لها نهاية .. تلك هي حالة الصحفي عندما يكتب بأمعائه، و عندما يسكت على إهاناته المتكررة .

كلنا في اللائحة/ محمد سالم الشيخ