على أعتاب الجمعية الوطنية الجديدة
الاثنين, 20 يناير 2014 10:13

alt

ونحن على أعتاب جمعية وطنية جديدة انتخبتها قوة بلغت نسبتها ـ والعهدة على اللجنة الوطنية للانتخابات ـ 75% من الشعب الموريتاني بعد عملية انتخابية تعرف بانتخابات 23نوفمبر، تعسرت لأكثر 

من سنتين وشهدت كثير من المشادات بين موالاة ومعارضة وصلت حد المناداة بالرحيل في مرحلة من المراحل، لا شك أن كل مواطن يرسم في خياله دورا أو واجبات ينبغي أن يراعيها أعضاء الجمعية الوطنية الجديدة، تجاه وطنهم ودوائرهم وأهلهم وأنفسهم ، وقبل أن أخوض في أحلام المواطن البسيط التي يرسمها للأضلاع الرباعية لواجبات السادة النواب الجدد، أقف عند فرق مهم يعرفه أهل علم السياسة بين السياسي القائد والسياسي الطامع.

يقولون السياسي الطامع : هو الذي يفكر بالانتخابات وراتب البرلمان المقبل وكم صفقة يمكن أن يعقد أثناء تمتعه بالحصانة ـ نتمنى ألا يكون بين نوابنا الكرام ـ والسياسي القائد : هو الذي يفكر بالأجيال المقبلة ، وقيمة الشرف في كل موقف ، لأن الأجيال ستحتاج معرفة ما كان يحصل وماذا عمل السياسيون بالضبط وما هي النتائج ، والقاسم المشترك الذي تجمع عليه كل شرائح المجتمع هو مطالبة النواب ألا يكون شعارهم بالنسبة للجهاز التنفيذي ، قول [نَعَمْ ] لأنها تجلب النِّعَمْ ، والنِّعم هنا هي ما تجود به أجهزة [معروفة] لتمرير ما تريد بقول نعم من النواب وبهذا يضيع الهدف الأساس مع بنيات الطرُق ، فبدلا من مراقبة الجهاز التنفيذي تتحول الجلسات إلى مجاملة ، والزيارات بدلا من خدمات لمناسبات لتلميع الأشخاص وعقد الصفقات ، وبالعودة إلى الواجب المطلوب من النواب الجدد وكثير منهم لأول مرة يدخلون قبة البرلمان أعضاء :

 تجاه الوطن : كم عام مضى على موريتانيا بعد الاستقلال ؟ وكم نظام مر عليها ؟ وأين هي من مفهوم الدولة الحقيقي ؟ أين موقعها في قائمة الدول ؟ وماهي مواردها ؟ وكم عدد السكان ؟ وقبل عقد أي تحالف سياسي نوابنا الكرام فكروا ماذا تستفيد البلاد من هذا الحلف إذا لم يكن حلف الفضول فإنه حلف وارسو الذي يبيح الهجوم على كل من خرج عنه ، فموريتانيا بلد مليء بالخيرات فوق الأرض ومن تحتها ، ولا تغتروا بشعارات براقة تُطلق هنا وهناك ، وسياسة تقود البلاد في اتجاه واحد ليس من صالح إلا ما تراه صوابا ، فالبلاد وطنٌ للجميع والكل له فيها دور .

 تجاه الدوائر : آفة كثير من الساسة أنهم لا يعرفون الدوائر إلا وقت الانتخابات وبعد الفوز يتحول النائب إلى حي تفرغ زينة ويصبح من جلسة لأخرى ومن اجتماع لمقابلة ، وإذا نزلت البركة يتم الاشتراك في وفود خارجية لن يزور الدائرة إلا إذا قرر الرئيس زيارة للمنطقة ، في البرلمان المنصرف يحدثني بعض المواطنون من دائرة قريبة من نواكشوط يقولون قررت السلطات القيام بخدمة كبيرة لمصلحة المنطقة فاعترض النائب لأنه لم يستشر في الفكرة ، وقد تخدم حزب من المعارضة ، فالدوائر انتخبتكم لتكونوا خداما لها لا لتُحسنوا أوضاعكم على حسابها .

 تجاه أهليكم : نوابنا المحترمون أنتم مع أنكم انتخبتم من الجميع فالكل منكم له عشيرة وأهل نرجو ألا تنسيكم دهاليز السياسة وغرفها المظلمة الوسط الذي تمثلون فتدخلون مداخل السوء ومن دخلها فتهم فلا يَلومَنَّ إلا نفسه ، فلا تكن من يبيع سمعة عشيرته وأهله كي ترضى عنه جهات معلومة ، ولا تكن من يشتم قبيلة أو فئة كي يبقى في منصبه ، فأهلكم لهم عليكم حق ولا تبيعونهم بلعاعة من الدنيا .

 تجاه أنفسهم : بعض النواب بمجرد دخولهم قبة البرلمان يظنون أنهم أصبحوا خدما عند ... وأن صاحب المنة عليهم ساكن القصر الرمادي أو رئيس الجهاز التنفيذي ، فيكن منكم سابق بالخيرات ومن لم يستطع فليكن مقتصد وإياكم أن يكون منكم ظالم لنفسه ، ولا ترضوا بيع ضمائركم بوعود زائفة أو منصب بريقه لن يدوم ، فالتاريخ لا يرحم والعالم مع النهضة الالكترونية لم يعد فيه سر يمكن أن يخفى ، وفي الآخرة فلنعلم أن خالق الموت والحياة امتحننا ليعلم أينا أحسن عملا ، فبيع الضمير أكرم منه بألف مرة ما يعرف ب(الإقالة والتجريد ) .

نوابنا الكرام إن الشعب يأمل أن تكونوا ممثلين له لا لأحزاب وجماعات ، كلكم يرى ما لا يُرتضى ويصمت لأن الحزب في حلف مع أغلبية أو تنسيقية ، وليس عيبا أن أرجع إلى من انتدبني وأقول فشلت في المهمة ولكن العيب كل العيب أن أفشل وأظل أدافع عن الفشل ، وأرى الباطل وأظل في مقام المشرع له ، وأَدْخِلوا في أدب السياسة الموريتانية أن السياسي إذا لم يستطع التأثير أكرم له أن يستقيل ، وأن الكرسي ليس هدفا في ذاته وأن آتيه بكرم وشرف أفضل من أظل جالسا عليه بذلة وهوان .

  على أعتاب الجمعية الوطنية الجديدة